قصه قرأتها وتأثرت بها فأحببت ان انقلها لكم وان نحمد الله على ما نحن به من نعمه
القصه هي (جوله في....مستشفى المجانين)للشيخ د.محمد العريفي
يقول الشيخ: كنت في رحله الى أحد البلدان لالقاء عدد من المحاضرات ..
كان ذلك البلد مشهوراً بوجود مستشفى كبير للأمراض العقليه... أو كما يسميه الناس مستشفى المجانين..
القيت محاضرتين صباحاً ..وخرجت وقد بقي على أذان الظهر ساعه.. كان معي عبد العزيز..رجل من أبرز الدعاه..
التفت اليه ونحن في السياره..قلت:عبدالعزيز..هناك مكان أود أن أذهب اليه مادام في الوقت متسع..
قال:أين؟صاحبك الشيخ عبدالله ..مسافر..والدكتور أحمد اتصلت به ولم يجب..أو تريد أن نمر المكتبه التراثيه..أو..
قلت:كلا.. بل :مستشفى الامراض العقليه..
قال: المجانين!!! قلت: المجانين..
فضحك وقال مازحاً: لماذا..تريد أن تتأكد من عقلك؟؟!
قلت:لا..ولكن نستفيد..نعتبر..نعرف نعمة الله علينا..
سكت عبدالعزيز يفكر في حالهم..شعرت أنه حزين..كان عبدالعزيز عاطفياًأكثر من اللازم..
أخذني بسيارته الى هناك..
أقبلنا على مبنى كالغماره..الأشجار تحيط به من كل جانب الكآبه ظاهره عليه..
قابلنا أحد الأطباء..رحب بنا ثُم أخذنا في جوله في المستشفى..
أخذ الطبيب يحدثنا عن مآسيهم..ثم قال: وليس الخبر كالمعاينه..
دلف بنا الى أحد الممرات..سمعت أصواتاً هنا وهناك..كانت غرف المرضى موزعه على جانبي الممر.. مررنا بغرفه عن يميننا ..نظرت داخلها فاذا أكثر من عشرة اسِرَه فارغه ..الا واحداً منها قد انبطح عليه رجل ينتفض بيديه ورجليه ..التفتُ الى الطبيب وسألته: ما هذا!!
قال:هذا مجنون .. ويصاب بنوبات صرع...تصيبه كل خمس أوست ساعات...
قلت لا حول ولا قوة الا بالله..منذ متى وهو على هذا الحال؟؟ قال: منذ أكثر من عشر سنوات.. كتمت عبرة’ في نفسي ..ومضيت ساكتاً..
بعد خطوات مشيناها..مررنا على غرفةأخرى..بابها مغلق..وفي الباب فتحه يطل من خلالها رجل من الغرفه..ويشير لنا اشارات غير مفهومه..
حاولت أن أسرق النظر داخل الغرفه..فاذا جدرانها وأرضها بالون البني..
سألت الطبيب:ماهذا؟!! قال مجنون..
شعرت أنه يسخر من سؤالي..فقلت:أدري أنه مجنون ..لو عاقلاً لما رأيناه هنا ..لكن ماقصته؟؟
فقال :هذا الرجل اذا رأى جداراً...ثاروأقبل يضربه بيده..وتارةً يضربه برجله..وأحياناً برأسه..
فيوماً تتكسر أصابعه.. ويوماً تُكسر رجله..ويوماً يشج رأسه..ويوماً....
ولم نستطيع علاجه..فحبسناه في الغرفه كما ترى..جدرانهاوأرضها مبطنه بالاسفنج.. فيضرب كما يشاء..ثم سكت الطبيب ومضى أمامنا ماشياً..
أما أنا وصاحبي عبد العزيز..فظللنا واقفين نتمتم:الحمد لله الذي عافانا مما أبتلاك به...
ثم مضينا نسير بين غرف المرضى
حتى مررنا على غرفه ليس فيها أسِره ..وانما فيها أكثر من ثلاثين رجلاً ..كل واحد منهم على حال..هذا يؤذن وهذا يغني وهذا يتلفت وهذا يرقص...
واذا ثلاثه من بينهم قد أُجلسوا على كراسي.. وربطت أيديهم وأرجلهم.. وهم يتلفتون من حولهم...ويحاولون التفلت فلا يستطيعون.. تعجبت!!!
فسألت الطبيب: ما هؤلاء؟؟ ولماذا ربطتوهم دون الباقين؟؟
فقال:هؤلاء اذا رأوا شيئاً أمامهم اعتدوا عليه.. يكسرون النوافذ.. والمكيفات ..والأبواب..
لذلك نحن نربطهم على هذا الحال.. من الصباح الى المساء..
قلت وأنا أدافع عبرتي: منذ متى وهم على هذا الحال؟؟
قال: هذا منذ عشر سنوات...وهذا منذ سبعه.. وهذا جديد لم يمض له الا خمس سنوات..
خرجت من غرفتهم..وانا أتفكر في حالهم.. وأحمد الله الذي عافاني مما أبتلاهم..
سألته: أين باب الخروج من المستشفى؟؟
قال: بقي غرفه واحده.... لعل فيها عبره جديده..تعال.. وأخذ بيدي الى غرفه كبيره.. فتح الباب ودخل.. وجرني معه..
كان ما في الغرفه شبيهاً بما رأيته في غرفة سابقه..مجموعه من المرضى.. كل منهم على حال..راقص ونائم..و...و....عجباًماذااا أرى؟؟!!
رجل جاوز عمره الخمسين..اشتعل رأسه شيباً..وجلس على الارض (القرفصاء)...قد جمع جسمه بعضه على بعض..ينظر الينا بعينين زائغتين..يتلفت بفزع..كل هذا طبيعي...
لكن الشيء الغريب الذي جعلني أفزع ...بل أثور هو أن الرجل كان عارياً تماماً..ليس عليه من اللباس ولا ما يستر عورته المغلظه...
تغير وجهي...وامتقع لوني.. والتفت الى الطبيب فوراً.. فلما رأى حمرة عيني..
قال لي... هدىء من غضبك... سأشرح لك حاله..
هذا الرجل كلما ألبسناه ثوباً عضه بأسنانه وقطعه.. وحاول بلعه .. وقد نلبسه في اليوم الواحد أكثر من عشرة ثياب.. وكلها على مثل هذا الحال..
فتركناه هكذا صيفاً وشتاءً.. والذين حوله مجانين لا يعقلون حاله.. خرجت من هذه الغرفه .. ولم أستطع أن أتحمل أكثر.. قلت للطبيب:
دلني على الباب..للخروج....
قال: بقي بعض الاقسام....
قلت:يكفي مارأيناه....
مشى الطبيب ومشيت بجانبه..وجعل يمر في طريقه بغرف المرضى..
ونحن ساكتان..
وفجأه التفت الي وكأن قد تذكر شيئاً قد نسيه....وقال:
ياشيخ.. هنا رجل من كبار التجار...يملك مئات الملايين..أصابه لوثه عقليه فأتى به أولاده وألقوه هنا منذ سنتين...
وهنا رجلآخر كان مهندساً في شركه..وثالث كان.....
ومضى الطبيب يحدثني بأقوام ذلوا بعد عز.. وآخرين افتقروا بعد غنى..و..
أخذت أمشي بين غرف المرضى متفكراً..
سبحان من قسم الأرزاق بين عباده..
يعطي من يشاء..ويمنع من يشاء..
قد يرزق الانسان مالاً وحسباً ونسباً ومنصبا...لكنه يأخذ منه العقل..
فتجده من أكثر الناس مالاً.. وأقواهم جسداً..لكنه مسجون في مستشفى المجانين....
وقد يرزق أخر حسباًرفيعاً.. ومالاً وفيراً.. وعقلا كبيراً.. لكنه يسلب منه الصحه.. فتجده مقعداًعلى سريره... عشرين أو ثلاثين سنه..ما أغنى عنه ماله وحسبه..!!
ومن الناس من يؤتيه الله صحه وقوه وعقلاً..لكنه يمنعه المال فتراه يشتغل حمال أمتعه في سوق أو تراه معدماً فقيراً يتنقل بين الحِرف المتواضعه لا يكاد يجد مايسد به رمقه...
ومن الناس من يؤتيه..ويحرمه..وربك يخلق ما يشاء ويختار..ما كان لهم الخيره..
فكان حريا بكل مبتلى ان يعرف هدايا الله اليه قبل أن يعد مصائبه عليه.. فان حرمك المال فقد أعطاك الصحه..وان حرمك الصحه..فقد أعطاك العقل..فان فاتك فقد أعطاك الأسلام ..هنياً لك أن تعيش وأن تموت عليه........
(اخوتي في الله)
انظروا الى حال المرضى لتحمدوا الله على نعمة الصحه التي انعم بها عليكم وحال الفقراء لتحمدوا الله على النعم التي انعم بها عليكم وحال المعاقين لتحمدوا الله على ماأنتم فيه من نعم وحال المساجين لتحمدوا الله على نعمة الحريه التي انتم فيها.....
قولوا دائماً: الحممممممدلله..
واشكروا الله تعالى واحمدوه واعبدوه حق عبادته
اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك